القلوب ثلاثة
قلب خال من الايمان وجميع الخير
فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من القاء الوساوس اليه لانه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن
قلب قد استنار بنور الايمان وأوقد فيه مصباحه
لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية
فللشيطان هناك اقبال وادبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف احوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من اوقات غلبته لعدوه اكثر ومنهم من اوقات غلبة عدوه له اكثر ومنهم من هو تارة وتارة
قلب محشو بالايمان قد استنار بنور الايمان وانقشعت عنه حجب الشهوات
واقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره اشراق
ولذلك الاشراق ايقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق وليست السماء بأعظم حرمه من المؤمن وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة
والمعرفة والايمان وفيه أنوارها فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو
فلا ينال منه شيئا إلا خطفه
ثلاثة بيوت
بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره
وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره
وبيت خال صفر لاشئ فيه
فجاء اللص يسرق من أحد البيوت فمن أيها يسرق فإن قلت من البيت الخالي كان محالا لأن البيت الخالي ليس فيه شئ يسرق ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها فقال وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب
وإن قلت يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع فإن عليه من الحرس والجند مالا يستطيع اللص الدنو منه كيف وحارسه الملك بنفسه
فلم يبق للص الا البيت الثالث فهو الذي يشن عليه الغارات
فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل ولينزله على القلوب فانها على منواله
فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق فذلك بيت الشيطان قد احرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكنا ومستقرا فأي شئ يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه
وقلب قد امتلأ من جلال الله عز وجل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه فأي شيطان يجترئ على هذا القلب وإن أراد سرقة شئ منه فماذا يسرق منه وغايته أن يظفر منه بخطفه ونهب يحصل له على
غره من العبد وغفلة لا بد له اذ هو بشر
وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق